حرية الرأي وحدودها

[بو شهد]

لا شك أن كل فرد منا يحس بكيانه ويشعر بأهميته وبتميزه عن الآخرين إذا كان له رأي يحترم بين الناس، ومن المعروف أن رأي كل شخص إنما يعبر عن قناعاته ومبادئه التي ترتكز على أسس دينية أو أخلاقية أو عرفية، ولكن هل رأي الإنسان له حد معين أم إن كل فرد له مطلق الحرية كي يعبر عن رأيه كيفما يشاء؟

بداية علينا أن نوضح بعض الأمور التي تتعلق بالإنسان المسلم في علاقاته مع الآخرين سواء كانوا أفراداً أو مجتمعات أو حكومات. فإن الفرد منا يعيش في مجتمع يتفاعل مع أفراده بشكل يومي، وهذا الاحتكاك مع الآخرين يتطلب منه في بعض الأحيان أن يقول رأياً معيناً في مسألة ما قد تكون ضمن اهتماماته، أو قد يصدر حكماً في موضوع ينصب في مجال عمله، أو ربما من قبيل مشاركة الآخرين والاندماج معهم قد يدلي بدلوه في قضية لا يعرف عنها ولا يحيط بدقائقها، وهنا ينكشف ويظهر مدى جهله أو علمه.
وأسوق هنا مثالاً يوضح هذه القضية، فقد يحدث أن يتحدث عدة أشخاص في قضية ( النقاب ) وهل هو فرض أو من الأمور المستحبة، وهذه قضية نجد أن أي واحد يريد أن يناقش فيها سواء بعلم أو جهل، فالشخص المتخصص في الشريعة إذا كان متمكنناً في تخصصه سوف يأتي بالأدلة المقنعة لأن هذا هو تخصصه، والذي تكون الشريعة من ضمن اهتماماته وقراءاته سوف يقول رأياً قد يتفق مع المتخصص أو يختلف معه ولكنه في كل الأحوال لن يأتي برأي يناقضه، أما الذي يريد فقط أن يشارك الآخرين حتى لا يظهر أمامهم أنه جاهل فقد يقول إن النقاب حرام أو مكروه وهنا يظهر جهله. ولكن هل هناك حدود لهذا الرأي الصادر من الإنسان أم إن كل شخص حر فيما يقوله ويعبر عنه؟ هذه المسألة تحتاج إلى شيء من النقاش حولها.
الإنسان منذ أن يولد وهو يرى ما حوله ويسمع كلاماً كثيراً، والطفل بحكم تكوينه الأولي لا يستطيع تمييز الخطأ من الصواب فيما يسمعه إذ أن قدراته العقلية والذهنية لا تؤهلانه لذلك، ومع التقدم في السن يكون الصبي قادراً على التمييز شيئاً فشيئاً، وهنا يستطيع أن يحكم بنفسه على بعض التصرفات أو الآراء كونها صائبة أو خاطئة، ومرجعه في ذلك فطرته السليمة وما يراه حوله من عدم استنكار الغالب الأعم لشيء ما، فيحكم على ذلك بأنه صواب وحسن، ويحكم على الشيء الذي يلاقي استهجاناً واستنكاراً بأنه خاطئ وقبيح.
والإنسان المسلم يختلف عن غيره من أصحاب الديانات الأخرى أو أصحاب المعتقدات والمبادئ التي لا تستند إلى أساس ديني، ففي بريطانيا مثلاً وفي حديقة ( هايد بارك ) على وجه الخصوص، هناك مكان عام يعبر فيه كل شخص عن آرائه ومعتقداته بغض النظر عن ديانته وجنسه، ولكن هل يقبل هذا في مجتمعنا العربي أو الإسلامي أم هناك قيود وحدود للفرد في التعبير عن آرائه؟

إن أساس أي رأي أو معتقد لدى الشخص المسلم هو نبوع هذا الرأي أو المعتقد من أسس سليمة فطرية، تتخذ من القرآن والسنة نبراساً يضيء لها طريق الحق والصواب، فما يصدر عن المسلم من آراء يجب أن تتفق مع مبادئ الإسلام ولا تناقضه، ولكن في أمور الحياة الأخرى التي لا تتعلق بكونه مسلماً لا يدخل الدين أو المعتقد في الحكم على الرأي، بل الأساس أن يلتزم الفرد بحد فاصل تنتهي عنده شخصيته وحريته لتبدأ معها حرية الآخرين وشخصياتهم.
فالمجتمع بحكم تكوينه تحكمه أسس سياسية ودينية وعرفية وقانوية يجب التوقف عندها والتزام حدودها، وإلاّ أصبح الكل يعيش في فوضى ويكون المجتمع بهيمياً يتصرف فيه الناس بعشوائية وجنون، فعلى الصعيد السياسي مثلاً يحق للفرد أن يعبر عن رأيه بخصوص المرشحين للانتخابات أو مجلس الشورى، ولكن هذا الرأي يتوقف عندما يطعن في الدستور أو يسفه المبادئ السياسية التي تلتزم بها الدولة وتسير عليها، وأيضاً تتوقف حرية الرأي حينما يتعلق الأمر بأمور تختص بسياسة دولة أخرى تربط بينها وبين الدولة علاقات سياسية ومصالح مشتركة.
وإذا تطرقنا إلى الناحية الدينية، فهناك العديد من القضايا الفقهية التي اختلف فيها الفقهاء وربما يختلفون فيها حتى وقتنا، وفي هذه المسألة يحق للفرد المتخصص إذا ما طلب منه الإدلاء برأيه أن يقول رأيه القائم على أدلة من القرآن والسنة أو من الأدلة الشرعية المتفق عليها، إلاّ أن الحرية تنتهي حين يتدخل الشخص في أسس الإسلام وأركانه الثابتة، إذ حينها يكون قد أوشك أن يصل إلى درجة من البعد عن الدين وإنكار مبادئه.

ومن الناحية العرفية فإن الأعراف التي تحكم مجتمعاً ما قدر تتغير مع التطوير الذي يشمل جميع مناحي الحياة، فقد يطرأ تغيير على ملابس الناس بحكم طبيعة أعمالهم، فهنا من الممكن أن تناقش مسألة تغيير اللباس لأنها تتعلق بعرف يتفق عليه المجتمع، ولكن حرية الرأي تتوقف إذا قام فرد بالتعدي على شكل ملابس أناس آخرين لمجرد أنهم لا يلبسون مثله، إذ أن اللباس مادام يحقق ما صنع من أجله وهو الستر، فليس لفرد أن يسب شخصاً أو يعيب لبسه إلاّ إذا كان خادشاً للحياء.

أما من حيث القانون فلكل دولة أو مجتمع قانون يحكم أفراده ومؤسساته، وعلى الجميع الالتزام بهذا القانون إذ أنه يحقق مصالحهم ويدير أمورهم وشؤونهم، ويحق للفرد أن يعبر عن رأيه في مادة من مواد القانون إذا رأى أنها تسسب نوعاً من الظلم العام، ولكن حرية الرأي تتوقف حين يسفه الفرد القانون ويصفه بالخيانة وعدم العدل.

مما سبق يتبيّن لنا أن حرية الفرد محدودة بكونه فرداً في مجتمع، وهذا المجتمع يعيش فيه أفراد وجماعات بينهم علاقات ومصالح، ومادام كل فرد له الحق أن يعبر عن رأيه، فعليه أن يراعي حدوده وأن يعي أن هناك نقطة تنتهي عندها حدوده، لتبدأ حرية الآخرين الذي هم جزء لا يتجزأ من المجتمع.

[مـسـحـب حـطـب ؟]

مشكووووووووووووور
يا ولد فلان :d

[الأصيلة]

يسلمو اخوي على الموضوع والله يعطيك العافيه وفعلا مسئله الرأي مهمة جدا ولكل انسان له رأي خاص به حتى لو تعارض مع اراء الاخرين المهم ان يكون له رأي يثبت به نفسه وكيانه ويجب علينا احترام أراء الاخرين 00 ودمت اختي على الموضوع 0