الدب في السفينة



الــدب مـعروف بـسـوء الظـن فاســمع حـديـثــه العـجيب عني

لما استطال الـمكث في السفينة مـــل دوام الـعـيـش الــظـنـيـنـه

وقال : إن الموت في انتظاري والـمـاء لا شــك بــه قــــراري

ثـم رأى مـوجاً على بعـد عـلا فـظـن أن فـي الـفـضـاء جـــبلاً

فـــقـــال : لابـــد مــن الـنزول وصلت ، أو لم أحظ بالوصــول

قــد قــال مـن أدبــه اخـتـباره : السـعـى لـلـموت ولا انتــظاره !

فأسـلم الـنـفـس إلى الأمـــــواج وهـي مــع الـريـاح فـي هـــيـاج

فـشرب التعـيـس منها ، فانتفخ ثــم رسـا على القرار ، ورســخ

وبـعـد ساعـتـيـن غـيـض الماء وأقــلــعــت بــأمــره الســمــــاء

وكان في صاحبنا بعض الرمق إذ جاءه الموت بطيئاً في الــغرق

فلمـح الـمركـب فـوق الجـودى والركب في خير وفــي ســعــود

فــقــال : يالــجــدى الـتـعـيــس أســأت ظـــنـي بالـنـي الرئــيــس

مــا كــان ضــرني لـو امتـثلت ومـثـلـمــا قــد فـعـلـوا فـعـلـت ؟!



أحمد شوقي

(1285-1351هـ = 1868-1932م)

أحمد بن علي بن أحمد شوقي. أشهر شعراء العصر الأخير. يلقب بأمير الشعراء. مولده ووفاته بالقاهرة. نشأ في ظل البيت المالكبمصر، وتعلم في بعض المدارس الحكومية، وقضى سنتين في قسم الترجمة بمدرسة الحقوق، وأرسله الخديوي توفيق سنة 1887م إلى فرنسا، فتابع دراسة الحقوق في مونبليه، عين رئيساً للقلم الإفرنجي في ديوان الخديوي عباس حلمي. وندب سنة 1896م لتمثيل الحكومة المصرية في مؤتمر المستشرقين بجنيف. عالج أكثر فنون الشعر: مديحاً، وغزلاً، ورثاءً، ووصفاً، ثم ارتفع محلقاً فتناول الأحداث الاجتماعية والسياسية في مصر والشرق والعالم الإسلامي وهو أول من جود القصص الشعري التمثيلي بالعربية وقد حاوله قبله أفراد، فنبذهم وتفرد.